الأربعاء، 11 يوليو 2012
الرشوة
الرشوة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لعنة الله على الراشي و المرتشي " . [ رواه ابن ماجة ]
لقد كان للإسلام فضل السبق على سائر الأنظمة الحديثة في تشريع قانون " الكسب غير المشروع " أو ما يسمى بقانون " من أين لك هذا ؟ "
و ذهب علماء الاجتماع إلى أن المجتمع الذي يتعامل فيه الناس بالكذب و الغش و الرشوة تنتشر فيه المفاسد و المظالم و قطع صلة الأرحام ، و يزداد فيه الحقد و الحسد و الضغينة في قلوب الضعفاء الفقراء الذين لا يملكون المال ، و لا يعرفون كيف يرضون أصحاب النفوذ و السلطان ، و لا كيف يستردون بعض حقوقهم المنهوبة ، و من ثم يتولد الصراع بين أفراد المجتمع ، و تتدهور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية ، فالمرتشي لن يخلص في عمله ، و لن يجهد نفسه في تيسير الأمور لأصحاب الحاجات و المظالم ، فصاحب الحق عنده من يدفع له أكثر … و لذلك أثبتت الشواهد اليومية أن انتشار الرشوة كوسيلة و نظام لقضاء الأعمال و إبرام الصفقات و إتماما المشاريع هو نظام جائر يسحق البشرية و يشقيها أفراداً و جماعات ، كما أن الراشي لن يجهد نفسه طالما أن طريق الحصول على المغانم يسير .
و لقد أثبتت الدراسات الاجتماعية الحديثة أن من الأسباب الجوهرية لتفشي الرشوة إسناد الأمر إلى غير أهله يتولى غير الأكفاء مناصب و مراكز تتصل بمصالح و رقاب الناس … و هذا ما حدث عندما استعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً على الصدقة ، فلما قدم بها قال : هذا لكم و هذا أهدي إليّ … فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : " أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيقول : هذا لكم و هذا هدية أهديت إلىّ ، أفلا جلس في بيت أبيه و أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً ، و الله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة …. " . [ رواه مسلم ]
و لذلك نظر الإسلام للرشوة على أنها نوع من أكل أموال الناس بالباطل ، و اعتبرها سحتاً يمحق البركة و يجلب غضب الله ، فضلاً عن أنها سبب مباشر في الفساد الخلقي لمن يسلك هذا المسلك و يحصل على رشوة .
لقد سدّ الشرع الحكيم جميع منافذ الرشوة إلى حد أن يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية ، فقد أتى باباً كبيراً من أبواب الربا " . [ رواه أبو داود ]
لقد أدرك الرسول الكريم الآثار المترتبة على أكل الأموال بالباطل عموماً و منها الرشوة ، في حين لم تدركها المجتمعات المتحضرة الآن إلا بعد أن بدأت
تشعر بتدهور اقتصادها مثلما تدهورت أخلاقها .
و هكذا سبق الهدي النبوي سائر الأنظمة الحديثة في لإدراك مضار الرشوة و العمل على القضاء عليها .
© All rights are reserved - 2001
Powered by Rainbow software
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق